يفسد الصوم بإتيان شيء من مفطرات الصيام ، وهي :
1) خروج دم الحيض والنفاس :
يبطل صيام المرأة إذا خرج دم الحيض أو النفاس قبل الغروب ولو بلحظة بإجماع أهل العلم؛ والأصل في بطلان الصيام حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَم تُصَلِّ وَلَم تَصُمْ) [رواه البخاري ومسلم] ، وحديث معاذة لما سألت عائشة عن قضاء الحائض الصوم دون الصلاة ، فقالت : (كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ) [رواه مسلم].
2) المـوت :
وهو مفسد للصوم ؛ لأن الموت يقطع عمل الإنسان ويسقط التكليف ؛ وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ) [رواه الترمذي والنسائي ، بإسناد صحيح]
3) الـرِّدَّة :
وهي الرجوع عن الإسلام إلى الكفر باختياره، فمن ارتد عن دين الله وكان صائماً ، فسد صيامه؛ لأن الكفر يحبط الأعمال كلها؛ قال تعالى: )لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ( [الزمر:65]، وقال سبحانه : )وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجمَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً( [الفرقان:23].
4) العزم على الفطر والتردد فيه :
إذا نوى الصائم الإفطار في أثناء النهار فقد فسد صومه؛ لأن الصوم عبادة تشترط لها النية في جميع أجزائها ، فإذا فسدت النية فسدت معها العبادة .
ويفسد الصوم أيضاً إذا تردد في نية الصوم؛ لأنه لا بد من الجزم بالنية بأن يكون عازماً على الصوم.
5) القيء عمداً :
يفطر الصائم إذا تعمد القيء قليلاً كان أو كثيراً ، ويستوي في ذلك تعمده القيء بوضع أصبعه في حلقه أو شم رائحة تثيره ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (... وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْداً فَلْيَقْضِ) [رواه الترمذي وابن ماجه ، بإسناد صحيح].
6) الاحتقان من الدُّبر :
يفسد الصوم إذا استعمل الصائم حقنة يحقن بها الدواء من الدبر – وهو ما يسمى بالحقن الشرجية -؛ لأن الدبر طريق موصل إلى الجوف، والمدخل غير المعتاد للجوف كالمدخل المعتاد في حكم الواصل إليه .
7) بلع النخامة إذا وصلت إلى الفم :
النخامة: ما يلقيه الرجل من الصدر ، وهو البلغم اللزج ، وتسمى النخاعة .
فإذا خرجت النخامة من الصدر ووصلت إلى الفم فبلعها الصائم متعمداً فقد أفسد صومه ؛ لأنه لا يشق التحرز منها ، وهي تختلف عن الريق والبصاق؛ لأن مصدره الفم بخلاف النخامة.
8) الحجامة :
- وهي امتصاص الدم بالمحجم – وهي القارورة التي يجمع فيها دم الحجامة - .
- والحجامة يفطر بها الحاجم والمحجوم ؛ لحديث شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ) [رواه أبو داود وابن ماجه ، بإسناد صحيح].
9) إنزال المني بتكرار النظر إلى ما يثير الشهوة :
- فيفسد الصوم بذلك ؛ لأنه إنزال بسبب التلذذ الذي يمكن التحرز منه .
- فإن أنزل من نظرة واحدة أو بالتفكير أو الاحتلام ، لم يفسد الصوم ؛ لأن ذلك لا يمكن التحرز منه .
- ولا يفسد الصوم بخروج المذي أيضاً ولو كان بسبب تكرار النظر ؛ لأنه ليس فيه نص يدل على الفطر به ، وهو يختلف في طبيعته وأحكامه عن المني ، فيبقى على الأصل .
10) خروج المني بشهوة:
يفسد الصائم صومه إذا خرج منه المني بشهوة بسبب تقبيل أو لمس أو استمناء أو مباشرة دون الفرج؛ لأنه إنزال عن مباشرة ، فأشبه الجماع، وقد أومأت عائشة رضي الله عنها إلى هذا المعنى فقالت : (كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ) [رواه البخاري ومسلم].
11) الأكل والشرب :
من أكل أو شرب في نهار رمضان متعمداً فقد أبطل صومه بالإجماع، لقول الله تعالى : )وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ( [البقرة:187]، وفي الحديث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (... يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلي) [رواه مسلم وأحمد].
12) كل ما وصل إلى الجوف أو الحلق أو الدِّماغ :
فكل ما يدخله الصائم إلى جوفه ويصل إلى معدته باختياره وكان مما يمكنه التحرز منه ، فإنه يبطل الصوم؛ كالقطرة في الأنف والأذن والعين، أو الكحل في العين ، أو الدواء الذي يصل إلى الدماغ كما في الجروح العميقة للرأس ، أو مضغ العلكة (اللبان) ، أو ذاق طعاماً ، أو بلع ريقه بعد أو وصل إلى بين شفتيه . فكل ذلك يفطر به إذا علم أنه يصل إلى جوفه أو وجد طعمه في حلقه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة : (وَبَالِغْ في الاسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِماً) [رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح]. فدل على أن المبالغة في الاستنشاق مظنة دخول الماء إلى الجوف فيفسد به الصيام .
- وكل ما سبق من المفطرات إذا فعله الصائم ناسياً أو مكرهاً ؛ فإنه لا يفسد صومه ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ، فَإِنَّما أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ) [رواه البخاري ومسلم] . فنص على الأكل والشرب ، ويقاس عليهما بقية المفطرات.
وأما عدم الفطر بالإكراه على تناول المفطرات ، فقياساً على من ذرعه القيء وغلبه ؛ قال عليه الصلاة والسلام : (مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيهِ قَضَاءٌ ...) [رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه].
- لا يفسد الصوم بدخول الغبار أو الذباب ونحوهما إلى الحلق بغير قصد ، وكذا إذا الصائم جمع ريقه فبلعه ؛ لأن هذه الأمور مما يشق التحرز منها ، والله تعالى لا يكلف نفساً إلى وسعها.
13) الجِــمَاع :
والجماع المفسد للصوم ما يكون بالتقاء الختانين وتغيب الحشفة في أحد السبيلين ، سواء أنزل أم لم ينزل، فإذا جامع الصائم في نهار رمضان فسد صومه ، وترتب عليه القضاء والكفارة. وسيأتي مزيد بيان لأحكامه في الفصل الآتي .
|